في بيتِنَا قوس قزح

ليلى تحبُّ المطرَ كثيراً لكنها تحبُّ الشَّمسَ أيضاً، ففي الصباحِ كانت وافقةً عندَ النافذةِ تلمسُ بيديها حبات المطر التي تسقطُ بغزارة، فَرِحت كثيراً بسقوطِ المطر لكنها تنتظرُ شروقَ الشَّمس من بين الغيوم لترى قوس قزح، فعندما تُمطرُ السَّماء، وتتناثرُ بين السماء والأرض، تخترق أشعة الشمس قطرات الماء، فيتفكَّك شعاعُ الشَّمس إلى سبعةِ ألوان، وهي الأحمر، والبرتقالي، والأصفر، والأزرق، والأزرق، والبنفسجي، وظلت ليلى بشوقٍ كبير تنتظرُ أشعةَ الشَّمس تتخللُّ قطرات المطر ليظهرَ قوس قزح، لكن مرت الدقائقُ ومرت السَّاعاتُ وتوقفَ المطرُ وأشرقت الشَّمسُ لكن لم يظهر قوس قزح، شعرت ليلى باليأسِ وغادرت غرفتها وعلامات الكآبة والحزن باديةً على وجهها، نظرَ إليها أخوها باستغراب فهو يعرفُ بأنها تُحبُّ هطولَ المطر كثيراً، فسألها قائلاً: ماذا يُحزنكِ يا عزيزتي؟ فأجابت ليلى قائلة: لقد توقفَ المطرُ وأشرقت الشَّمسُ ولم يظهر قوسَ قزح هذه المرة، ضَحِكَ أخوها قائلاً: أتُحبين قوسَ قزح؟ هزت برأسها قائلة: نعم، لكنه خذلني هذه المرة، مسحَ أخوها على رأسها قائلاً: لا تُبالِ أنا سأصنعُ لكِ قوسَ قزح، نظرت إليه باستغرابٍ قائلة: كيف ذلك؟ أسرعَ أخوها وأحضرَ كوباً بلاستيكياً شفافاً مملوءً بالماءِ ووضعه على عتبةِ النافذةِ في ضوءِ الشمسِ الساطع، ثُمَّ أخرجَ الكوبَ عن الحافةِ قليلاً وضبط التوازن بحيث لا ينقلب، وأحضرَ ورقةً بيضاء ووضعها على الأرض في مكان سقوط ضوء الشَّمس، وقال مبتسماً: ماذا تُشاهدين؟ ضَحِكت ليلى بصوت عالٍ وقالت: إنَّه قوس قزح، ثُمَّ احتضنت أخيها من شدةِ الفرح، وراحت تقفزُ هنا وهناك وتنادي: في بيتِنَا قوس قزح، فعلى الرغمِ من أن ضوءَ الشَّمسِ يبدو أبيضاً أو عديم اللون، فإنه في الواقعِ يتألفُ من جميعِ الألوانِ المختلفة، شكلت الألوانُ المجتمعةُ طيفاً أو سلسلة من شرائط الألوان، فبينما يمرُّ الضوءُ خلال المياه الموجودة في الكوب، فإن أشعةَ الضوءِ لكل لونٍ في الطَّيفِ تنكسرُ إلى اتجاه مختلف، وعندما انعكست الأشعةُ على الورقةِ استطعت رؤيةَ كل ألوان الطيف في صورة قوس قُزَح، ويظلُّ ترتيبُ الألوانِ هو نفسه دائمًا؛ لأن الألوان تنكسرُ دائماً بالطريقةِ نفسها. قصة: مصطفى عادل الحداد رسوم: زاهد المرشدي