خُلقٌ عظيم

رُوي في يومٍ من الأيامِ أقبلَ رجلان مؤمنان إلى أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) فاستقبلهما في بيتهِ وجلسَ إلى جانبهما يتبادلُ أطرافَ الحديث، ثُمَّ أمرَ بإحضارِ الطّعامِ والشّراب لهما، وبعدَما أكلا وشَرِبا جاءَ قنبر خادم أمير المؤمنين (عليه السلام) حاملاً بيده أبريق ماء لكي يصبَّ على يد الرجل ليغسلَ يداه من بقايا الطّعام، فقامَ الإمامُ (عليه السلام) وأخذَ الأبريقَ من يد قنبر ليصبَّ الماءَ بنفسهِ على يد الرجل، فتردد الرجلُ وقالَ: يا أمير المؤمنين، الله يراني وأنتَ تصبُّ على يدي؟! امتنعَ الرجلُ حيثُ يعلمُ جيداً أن الإمامَ (عليه السلام) أعلى شأناً وقدراً منه، وليس من المعقولِ أن يرضَ بذلكَ احتراماً وأجلالاً وتقديراً لمكانته، لكن الإمام (عليه السلام) ألح عليه وقالَ له: اقعد واغسل، فإن الله عز وجل يراكَ، وأخوكَ الذي لا يتميزُ منكَ ولا ينفصلُ عنكَ يخدمك، حينَها قعدَ الرّجلُ وغسلَ يديه، وبهذا الخلق العظيم أرادَ الإمامُ علي (عليه السلام) أن يُثبتَ لنا أن جميعَ الناس سواسية لا فرق بين أبيضهم وأسودهم، وغنيهم وفقيرهم، وقويهم وضعيفهم، حيث قال الله تعالى في كتابه الحكيم (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)). إعداد: مصطفى عادل الحداد رسوم: عباس راضي