قصص أهل البيت

الإمام الصادق (عليه السلام)

الإمام الصادق (عليه السلام)

عندما غربت الشمس عن سماء المدينة كانت في احدى البيوت الفقيرة امرأة توقد ناراً اسفل القدر المملوء بالماء فقط لكي تهدأ أولادها الصغار الذين يصرخون من شدة الجوع وكانت تحاول قدر استطاعتها بأن تجعل الصبر في قلوبهم فتشاهدها مرة ترش الملح في القدر ومرة أخرى تدور بالماء وهي تقول: يا أولادي الصغار لن يبقى ألا القليل وستأكلون ألذ طعام لكن كانت ما بين الحين والحين تدعو الله بصوت خافت بأن يرحمهم ويفرح قلوبهم بعودة زوجها حاملاً الطعام لأفواه أولاده الجائعة قبل أن يستولي عليهم النعاس فيغفون وهم لم يأكلوا كسرة خبز ..... أما والدهم فكان يدور في أزقة المدينة يتكأ على عصاته محاولاً أن يجد من يساعده وبينما كان سائراً وجد بابا مفتوحاً فأقترب قليلاً منه وطرقه بهدوء فخرج له الخادم قائلاً: تفضل أيها الرجل العجوز، فأجابه قائلاً: أنا رجل فقير وأريد المساعدة منكم، فدخل الخادم وأحضر له ثلاث حبات من عنب فأخذها الفقير من يده ورفع رأسه إلى السماء قائلاً: الحمد لله رب العالمين الذي رزقني، وبعد أن أتم كلامه فنادى عليه الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) وهو كان جالساً في وسط البيت يسطع النور من وجهه، قف أيها الرجل الفقير وذهب إليه وأعطاه ملئ كفيه عنبا، فأبتسم الفقير قائلاً :الحمد لله رب العالمين الذي رزقني، حينها أقترب الإمام(عليه السلام) منه وأعطاه اكثر من عشرين درهماً فرفع الفقير يده إلى الأعلى قائلاً: الحمد لله هذا منك وحدك لا شريك لك، حينها وقف خلع الإمام(عليه السلام) قميصا كان يرتديه وقال له البس هذا فلبسه الفقير مندهشاً وهو يقول :الحمد لله الذي كساني وسترني، وذهب مسرعاً إلى بيته ..... لكن خادم الإمام تفاجأ من هذا العمل فقال باستغراب: هل تسمح لي بسؤال يا مولاي فأجابه الإمام (عليه السلام) : تفضل لك ما تشاء، فقال الخادم وهو يضع يده على صدره: يا مولاي كلما أراد الرجل الفقير أن يذهب استوقفته وأعطيته اكثر فأكثر هل تعرفه من قبل، فأجابه الإمام(عليه السلام) وهو يضع يده على كتفه: يا بني أنا لم اعرفه من قبل لكن الخير الكثير يستحقه كل من يحمد الله تعالى لذلك أنا أعطيته مأكلاً ومالاً وملبساً لأنه رضا وأقتنع بثلاث حبات على الرغم من قلتها، فقال الخادم بصوت مهذب: إذن يا مولاي يجب على كل واحد منا أن يربي نفسه على القناعة والحمد لله سبحانه وتعالى على كل شيء، فأجابه الإمام(عليه السلام) مبتسماً: أجل يا بني فالقناعة هي سر سعادة الأنسان في الحياة الدنيا، وهكذا بقى الخادم يسمع العبر والحكم من مولاه الإمام الصادق(عليه السلام) ..... بينما الرجل الفقير أستطاع أن يصل إلى أولاده الصغار قبل هبوط الظلام ودخل إلى بيته فأستقبله أولاده وظل كل واحد منهم يدور حوله ويقول بصوت عالٍ قائلاً: ماذا جلبت لنا يا أبانا العزيز هل من طعام في هذه الأكياس، فجلس الأب قائلاً: لكم ما تشاؤون يا أحبائي، وأخذ يفتح الأكياس ويوزع الطعام على أولاده وبينما كان الأطفال مشغولين بالأكل والبسمة مرسومة على شفاههم، اقتربت منه زوجته وهمست في أذنه قائلة: كيف استطعت أن تشتري كل هذا الطعام ؟ هل عثرت على كنز ما ؟ هل صادفك ملك ووهب لك قطة من الذهب؟ ومن أين لك هذا القميص الذي ترتديه فرائحته طبية جداً؟ حينها أدار وجهه نحوها قائلاً: كفي عن الأسئلة الكثيرة سأبلغكِ لاحقاً ...... وبعد أن انتهيا من وجبة الطعام وذهب الأولاد إلى النوم والفرحة تحيط بهم من كل الجهات، أخبر الرجل الفقير زوجته بصوت خافت حكايته عندما دخل أحد بيوت المدينة حينها ابتسمت زوجته قائلة: دعوت الله عز وجل منذ خروجك من المنزل فله الحمد والشكر على كل حال فعلاً أن الدعاء هو سلاح المؤمن لكن هل عرفت من هو صاحب البيت الذي يمتاز بهذا الكرم الكبير فأجابها قائلاً: لا أعرف من هو ولم أتجرأ على السؤال لأني خجلة كثيراً من شدة كرمه وأخلاقه لكنني أنوي الرجوع إليه والتحدث معه، فأجابته زوجته قائلة: لابد أن تعود إليه فأنه رجل يستحق كل الاحترام على هذه الأخلاق الإنسانية الجميلة التي لا يستطع أحد أن يسبقه بها ..... وفي اليوم التالي ذهب الرجل الفقير إلى وسط المدينة يسير بهدوء ينظر إلى أبواب البيوت باحثاً عن ذلك البيت وبعد مرور جزءً من الوقت تفاجأ بلقاء الخادم الذي يعمل في ذلك البيت فألقى علية تحية الإسلام وبصورة مباشرة قال له: أريد أن اذهب إلى مولاك الذي أحسن إليَّ في الليلة الماضية وأشكره على كرمه لكن قبل أن نصل أحب أن اعرف شيئاً عن هويته، فأجابه الخادم قائلاً: أنه أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين (عليهم السلام) وهو الإمام السادس من أهل البيت (عليهم السلام) الذي يرجع نسبهم إلى الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) وقد اشتهر بـ(الصادق) لشدة صدق حديثه وفضله على الناس وتتميز شخصيته العظيمة بحبه للتواضع بعيداً عن التكبر والتعالي عن الناس وهو سيد المسلمين وإمام الملايين ...... وقبل أن ينتهي الخادم من كلامه وصلا إلى البيت ودخل الرجل الفقير وحنى ظهره وقبل يد الإمام الصادق(عليه السلام) وتقدم بالشكر الجزيل على مدى إحسانه له وجلس بالقرب من منبره مع العلماء والفقهاء يستمع إلى دروسه ويأخذ من رحيق أنفاسه علماً وأدباً وحكمة ويحفظ وصاياه التي تنص على كثيرة العبادة والانشغال بالله تعالى وحب الناس والحسن إلى الجار ومساعدة المحتاجين ورعاية الأيتام والإحسان إلى كل من يسئ إليهم...... فقد كان الإمام الصادق (عليه السلام) بأخلاقه العظيمة جداً التي كانت امتداداً لأخلاق رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يملك قلوب الناس ويهتم في شؤونهم كثيراً ويسأل عن أحوالهم ويرعاهم، وكذلك كانت مدرسته مليئة بالنشاطات الفكرية والعلمية حيث يعد من أوائل الرواد في علم الكيمياء فتتلمذ على يده العالم الكبير جابر بن حيان، وأن الحركة العلمية التي أوجدها الإمام الصادق(عليه السلام) بما فيها من دروس ومناظرات وحوارات وتأليف الكتب ومحاربة البدع والباطل كانت تمثل اقوى حركة اجتماعية وسياسية فأسس من خلالها طبقة كبيرة جداً من المثقفين والعلماء حيث كان اعلم الأمة في زمانه بلا منافس . هويته التعريفية :- أسمه: جعفر الصادق . والده: محمد الباقر. جده: علي زين العابدين. أمه: السيدة المهذبة الزكية فاطمة الملقبة بـ(أم فروة). ولادته: في المدينة المنورة في سنة 83 هـ في 17 ربيع الأول . القابه: ( الفاضل، الطاهر، الكافل، الصابر) واشهرها (الصادق) . استشهاده: قتل مسموماً من قبل المنصور العباسي. قبره: في البقيع المقدّس، دفن بجوار جدّه الإمام زين العابدين وأبيه الإمام محمد الباقر(عليهما السلام).

إتصل بنا

للاستمرار، اكتب ناتج المعادلة الآتية :

للأسف، نتيجة خاطئة، حاول مجددا.

جاري التحميل ...

{{res.p}} ,
{{res.text}} .

موقعنا

لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثوان ...

جاري التحميل ...